بوح الورقة الأخيرة
وانتزعنا آخر ورقة من تقويم العام ..
سقطتْ مؤذنةً بختام عامٍ تساقطت أيامه كما تساقطُ أوراق الخريف الباهتة ,
لنذكر قول الحسن : ” يا ابن آدم , إنما أنت عدد , كلما مرّ يومٌ انقضى بعضك .. ” .
ليتنا – بانتزاع هذه الورقة – ننتزع من أنفسنا مظاهر النقص
و جوانب التقصير التي ناء بها العام المرتحل , و ليتنا ننتزع من النفس وعدًا
, و نقطع معها عهدًا , أن نسعى على عتبات الارتقاء ..
ثم علّقنا التقويم الهجري للعام الوليد على جدرنا و ازدانت به مكاتبنا
, حرصنا على أن يكون جميلاً , و على أن نثبّته لننظر إليه كلما احتجناه .
ليتنا – و نحن نثبّته – نحرص على أن نثبّت في أنفسنا ما ازدان به عامنا
المنصرم من أفكارٍ و أعمالٍ إيجابية ..
دلالات :
ليس التاريخ الهجري مجرد ” أرقام جامدة ” , لنتأمل ما يتوارى
خلف هذين الرقمين ( 1431 ) و ( 1432 ) من المعاني و الإيحاءات ؛
فهما رمزان ينبضان لعامين : عام شهيدٍ فقيد , و عامٍ جديدٍ وليد ,
و ما بينهما : أوقاتٌ مرّت و تمرّ , و أعمالٌ أحصيت و تحصى , و أنفاسٌ ما تزال تتردد إلى أجل مسمى .
مفارقات :
تبادلنا التهنئة بالعام الجديد , و ليس تبادل التهنئة بأحق من أن نتبادل التعزية
في عامٍ انصرم من أعمارنا , لا نقدر على أن نرد منه حتى أقصر اللحظات !!
من العجيب :
أن يتمنى الموظف أن يمر الشهر سريعًا ليحصل على أجرته ..
و يتمنى الطالب أن تمر السنوات سريعةً ليجد نفسه و قد استقبل حياته العملية ..
و يتمنى هذا أو ذاك أن تمر كثير من الأوقات سريعة لتتحقق آماله و طموحاته ..
هؤلاء قد يكونون أناسًا جادّين , فكيف بغيرهم ممن يحتال في تضييع الأوقات ؟!
هذه الأوقات هي الأعمار , فهل يتمنى أحد أن يمرّ عمره سريعًا ؟!
وقفة :
آخر العام فرصة رائعة بل مطلوبة لتحسين الأداء و تطوير الذات , يجدر أن تتضمن هذه الوقفة :
1 – تقويمًا للعام المنصرم ؛ بالوقوف على سلبياته لتلافيها و إيجابياته لتعزيزها .
2 – تخطيطًا للعام المقبل ؛ بناءً على ما تقتضيه أهداف الفرد و ما توصَّل إليه بعد التقويم .
نقطة :
أعوام وصلٍ كـان ينسي طولَها ذكـرُ الــــنوى فكـأنها أيـامُ
ثم انبرت أيـــــامُ هجـرٍ أردفــتْ بجوىً أسىً فكأنها أعـوامُ
ثم انقضت تلك السنون وأهلها فكـأنها و كـأنهم أحـــــــلامُ
الدكتور محمد اللويمي
Subscribe
Login
0 تعليقات