(و من أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً و قال إنني من المسلمين)
الحسن كلمة تلامس جمالها الأرواح و القلوب .. فكيف بالحسن إذا كان لله وإلى الله
فمن كان على طريق الدين والدعوة والعمل الصالح فهو غارق في نعيم الحسن منه وإليه
الصحابة رضي الله عنهم .. نصبح ونمسي ونحن نترضى عنهم لما ؟
لقد عاشو للدين وماتو عليه
حمزة رضي الله عنه وقاتله وحشي وآكلة كبد حمزة “هند” نترضى عليهم جميعا !
كل ذلك لأنهم سارو على طريق النهج المحمدي والدعوة إليه
كلهم قد تشرفو بأسم صحابي لما حملو أمانة السنة والدعوة فمحا الله سيئاتهم بالحسنات
الدين كله حُسْنٌ فالصلاة والصوم والزكاة والحج جمال ونور .. لكن بدأ في الآية بالحسن بالدعوة !
فضل الدعوة إلى الله حين ترافق العلم الرصين والعمل الصالح وكمال العبودية والطاعة والاستسلام للخالق لاترفع ولا كبر على عباد الله (وقال إنني من المسلمين)
تكفل الله عز وجل بحفظ القرآن .. لكن كيف وصلتنا السنة النبوية محفوظة لولا فضل الله ثم جهد ودعوة السلف الصالح ومن اتبعهم بإحسان حتى يومنا هذا ..
أليس أيضا من مسؤوليتنا إيصال كل مانستطيع تبيانه للناس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسننه للأجيال حتى تستمر الهداية والدعوة والدين للناس
الدعوة يسيرة لاتستلزم منا الفصاحة والبيان والتشدق .. فالنبي صلى الله عليه وسلم وصحابته أوصلو لنا الدين بجمل قصيرة وسير وقدوات عظيمة وجهود للدين عميقة ..
فما بالنا اليوم نقلب الموازين ونصنع من الدعوة خطب طويلة وجمل عريضة وعبارات رخيمة مقابل جهود بسيطة وأفعال فقيرة !
الدعوة حتى تؤتى ثمارها يغرس غراسها في علم نافع و كلمة عميقة و جهد واخلاص وحسن عمل وجمال خلق
المرء يحتاج للكلمة الواضحة والعميقة التي تنبع من عين العلم و تصب في نهر الجهد الذي يقتدى به ..
الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته بذلو أنفسهم لدين الله ثم نتكاسل في زمننا هذا عن كلمة طيبة أو مجلس ذكر لأجيالنا نرسخ فيها اليقين وعظمة الله !
هل كانت روح النبي وأرواح صحابته رخيصة وأرواحنا اليوم متعبة وغالية حتى نتكاسل في الدعوة والتربية الإيمانية للأجيال ؟
الرسول صلى الله عليه وسلم لاقى من الاستهزاء وجرح وسار دمه وشج رأسه وتعرض للغدر لولا حفظ الله .. كل ذلك لأجل لاإله إلا الله .. ثم نتكاسل عن واجب الأمانة .. نهتم بظاهر وأشكال وصور أبنائنا ونهمل الباطن وتربية القلوب من الداخل.. ننسى أن نعلمهم عظمة الله وتوحيده والإنقياد له .. وخشيته وحبه .. حتى نشأت لنا أجيال يرون من الترفيه أولويات وينسون وظيفة الأنبياء واستخلاف بني آدم الذي كرم الله به البشر
جهد النبوة مضى عليه أربعة عشر قرناً وصل لنا بفضل الله ثم جهود من سبقنا .. فبقيت الأمانة اليوم علينا لمن بعدنا .. والأمر يسير لمن أخلص النية واستعان بالله واجتهد بالدعوة والدعاء وتوكل على الله ولم ينتظر النتائج (فما عليك إلا البلاغ) ولم يرجو جزاءًا ولا شكوراً إلا رضا ربه.. ثم جعل رسول الله قدوته (وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين )
جوهرة المطوع