الهزيمة النفسية وعلاجها
الهزيمة النفسية
﴿وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْكَافِرُونَ﴾
﴿وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾
قد نشعر أحيانا بالنكسات و التراجع .. بسبب وبدون سبب .. عارض نفسي يصيبنا بين الحين والآخر وقد يستمر ليتحول إلى مرض نفسي لايقل أهمية عن الأمراض الجسدية إن لم يكن يحتاج منا أكثر اهتماماً لخفائه و عواقبه حين لانشعر إلا بعد زمن بآثاره من التراجع في العطاء التفسي والفكري والجسدي
إن مواقفنا تصنعها قوتنا وقوتنا تنبع من إرادتنا.. حياتنا مجموعة متضادات بين العقل والعاطفة وبين الجد والهزل وبين الأخلاق والغرائز .. كلها تحكمها مدى مسؤوليتنا تجاه النقيضين !
الوالدين ودورنا كأمهات و آباء ومعلمون .. لنا نصيب الأسد في التأثير على مستوياته في المجتمع .. أحيانا نستطيع تصنيفه أنه الركيزة الأولى في تربية الذات وتربية الأبناء ..
دعونا نستشعر قليلاً ..
﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين﴾ فقط يريد الله منا أن يرى جهدنا ومجاهدتنا ! .. ليعطي النتائج من يستحقها ومن يستحقها فقط !
مالفرق بيننا وبين الصحابة ومن تبعهم بإحسان .. هم بشر ونحن بشر .. لكن العزائم و حسن الظن بالله و الاستعانة به هي من تصنع الفرق !
إننا كمجتمع نشتكي الغفلة بينما نملك بالمقابل ذلك الانفتاح البصري والسمعي والفكري على كل مابأيدي الآخرين عبر الواقع أو حتى وسائل التواصل مما ينسينا النعم التي بين أيدينا و نكون قد صنعنا هزيمتنا بأنفسنا
ومع تراكم الإحباطات والفشل الذي يلي بعضه بعضاً في ظروف حياتنا قد نصاب بعالة الهزيمة لأمد بعيد يصعب معه الخروج من الأزمة إلا إذا استعنا بالله عز وجل وقررنا الخروج بأي مستوى من النجاح لنتدرج فيه حتى نصل لأهدافنا
﴿إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾
﴿ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا﴾
نتائج الإسقاطات :
السنن الكونية واحدة في كل زمان ومكان .. ولكن البشر هم الذين يتغيرون و يبدلون ثم يطلبون تلك النتائج المتقدمة ..
حين يعيشون في الغفلة والنظرة الدونية التي لاتتعدى موطأ أقدامهم ثم ينشدون قوة و سعادة الصحابة !
﴿مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً ﴾
إننا مستعدون تماماً للإسقاط بسلبيةٍ تامة عند ارتكاب خطأ ما ليصبح المذنب خالياً من جميع الإيجابيات !
بل مستعدون لإسقاط مجتمع أو فئة بأكملها فقط لإنتماء فرد إليها !
من صور الهزيمة النفسية :
١- استشعار الهوان والغفلة ونسينا أن الله معنا ..
الله سبحانه يقول ﴿الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون﴾ البقرة 257
هل تضيق ويهون من يخرجه ربه من الظلمات إلى النور !؟
وكيف نخشى خلقه وقد وعدنا بكفالته وولايته لمن أحبه من عباده !؟
حين نكل أنفسنا لأنفسنا نكون كذلك !
الحياة المبهرجة .. الملموسات الحسية .. الماديات .. كلها تجعلنا أقرب لها ولذواتنا وضعفنا من أن نكون أقرب لله عز وجل !
صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانو أقرب لله لأنهم طلقوا الماديات و طمعو بما هو أبقى .. ومن يملكها منهم فإنه يملكها بيديه لا بقلبه ..!
كانو يستشعرون تلك الآيات وتلك الأحاديث ويعيشونها حرفاً حرفاً قولاً وعملاً .. فنجو بدنياهم وآخرتهم ..
في الحديث القدسي ” من عادَى لي وَليّاً فقد آذَنْته بالحرب, وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحب إلي مما افتَرَضْته عليه, وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أُحبه، فإذا أحبَبته كنت سمعه الذي يسمع به وبَصرَه الذي يبصر به ويدَه التي يبطِش بها, ورجله التي يمشي بها، وإنْ سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذَنه, وما ترددتُ عن شيء أنا فاعله ترَدُّدي عن نفسِ المؤمن يكرَه الموتَ وأنا أكرَه مَساءته” أخرجه البخاري في صحيحه.
٢- تراكم الإحباطات اليومية و تكرار الفشل لايمكن له أن يسيطر على ضعف الإنسان إذا كان يستمد قوته من خالقه
﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾
٣- هزيمة القيادات
فهزيمة أحد الوالدين أو المعلم أو المربي أو قائد الفريق كفيلة بنقل عدواها إلى من تعول ..
والروح القيادية لا تقاس بعمر ولا تنحصر بجاه ..
فالمصطفى ﷺ كان يولي المسؤولية لشباب لاتتجاوز أعمارهم الثالثة عشر .. بل قاد جيش كامل يشارك فيه جهابذة الصحابة .. شاب لايتجاوز الثامنة عشر من عمره .
كان عمرك عشر سنوات أو خمسون أو ستون ..
انظر فقط لطاقتك و روح شبابك و لامس مشاعرك بالتحفيز و إشعال مافيها من قوى كامنة .. ثم أطلقها بروح إيجابية لدينك و قيمك و مجتمعك .. عش وكأنك ذو العشرين والثلاثين .. فالعمر واحد .. ولكن طريقة العيش هي التي تختلف من شخص لآخر !
٤-التحدث والنشر بكل صغيرة وكبيرة بأدنى مستويات أهمية الحدث ! ليصنع معه مجتمعا يحاكي ذلك النشر و تلك المستويات الدونية البعيدة عن الرقي الإيماني الواعي و الثقافي والفكري
فقط لأجل الإثارة أو نيل الشهرة على حساب هزيمة المجتمع والتراجع به !
استحوذت ال -أنا- على الوعي المجتمعي و التقدم العلمي .. فانتشرت حسابات لا معنى لها و لا قيمة سوى التفاهات ونشر الشائعات !
عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ ” كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ ” أخرجه مسلم في صحيحه.
و عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ:” اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ يَسْلَمُ رَجُلٌ حَدَّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ, وَلاَ يَكُونُ إِمَاما أَبَدا، وَهُوَ يُحَدِّثُ بِكُلِّ مَا سَمِعَ”. أخرجه مسلم في صحيحه
مقال موفق،
سلمت اناملك
مقال محتاجينه